قبل أن تصدر حكمك تجاه شخص قيل أنه أساء إليك قولا أو فعلا فعليك التأكد والتثبت من صحة الأقوال التي نقلت إليك مقرونة بالأدلة والبراهين لتكون كالعالم الفقيه الذي لايصدر فتواه إلا بعد مراجعة كاملة وشاملة لاستنباط الحكم الفقهي وتذكر قول الحق تبارك وتعالى : ﴿ولاتقف ماليس لك به علم﴾
أما أن يكون الحكم معتمداً على أقوال زرعها الوشاة وأوهام صاغها الخيال واحتمالات نسبيه فهو نهج سرعان ما يؤدي إلى الانحراف عن جادة الصواب لكونه بني على الظن وهو مايجعله متأرجحاً بين النفي والإثبات والصحة والعدم .
إن أكثر الظنون سيئة وكل ظن سيء إثم عظيم وهو ما أشار إليه الحق تبارك وتعالى بقوله : ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم﴾ .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيث وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ ) رواه البخاري
قال تعالي "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم". "الحجرات: 12"
إن من أشد الآفات فتكًا بين المجتمع وأفراده سوء الظن فإن تمكن من الإنسان قضى عليه وقطع أواصر المودة وولَّد الشحناء والبغضاء.
ولابد لمرضى القلوب ألا ينظروا إلى الآخرين من خلال منظارهم الأسود فحسن الظن خلق فريد للإنسان حض عليه الإسلام ومن أبرز سمات التماسك الاجتماعي بين الفرد والأسرة والمجتمع وهو راحة للقلب وطمأنينة للنفس وسلامة من الأذى الذي يفني الجسد ويهدم الروح ويقضي على السعادة .
وما أحوج مجتمعنا للأخذ بحسن الظن بين أفراده وأن يتجاوز كل إنسان عاقل التصور الخاطئ والنظر للآخرين نظرة ايجابية ولا يصور نفسه بأنه الأفضل لكونه على قمة الهرم والآخرون سيئين لأنهم دونه فالنجاح لا يرتبط بقمة الهرم أو علو الطابق بل على أسسه المعتمدة على الجد والاجتهاد .
والعاقل أيضا من يرى أن نجاح أي فرد من أفراده إنما يشكل نجاح شخصي له وللمجموعة يفخر به ويعتز بمكانة من حققه ولايجعل قلبه محملا بالسوء تجاه الناجح قولا أوفعلا
لا تنسوني وابني عبدالرحمن رحمه الله من دعائكم