* شرح الحديث الحادي والثلاثون:
- عن آبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبين اسم الرجل ؛ لأنه ليس هناك ضرورة إلى معرفته إذ أن المقصود معرفة الحكم ومعرفة القضية فقال: ( يا رسول الله ، دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس ) وهذا الطلب لا شك انه مطلب عالي يطلب فيه السائل ما يجلب محبة الله له وما يجلب محبة الناس له.
- فقال له النبي صلى الله عليه و سلم: ( ازهد في الدنيا ) يعني: اترك في الدنيا ما لا ينفعك في الآخرة وهذا يتضمن انه يرغب في الآخرة ؛ لان الدنيا والآخرة ضرتان إذا زهد في إحداهما فهو راغب في الأخرى بل هذا يتضمن أن الإنسان يحرص على القيام بأعمال الآخرة من فعل الأوامر وترك النواهي ويدع ما لا ينفعه في الآخرة من الأمور التي تضيع وقته ولا ينتفع بها.
- إما ما يكون سببا لمحبة الناس فقال: ( ازهد في ما عند الناس يحبك الناس ) فلا يطلب من الناس شيئا ولا يتشوق أليه ولا يستشرف له ويكون ابعد الناس عن ذلك حتى يحبه الناس ؛ لان الناس إذا سئل الإنسان ما في أيديهم استثقلوه وكرهوه ، وإذا كان بعيدا عن ذلك فإنهم يحبونه.
* من فوائد هذا الحديث:
- حرص الصحابة رضي الله عنهم على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم فيما ينفعهم.
- أن الإنسان بطبيعة الحال يحب أن يحبه الله وأن يحبه الناس ويكره أن يمقته الله ويمقته الناس فبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون به ذلك.
- أن من الزهد في الدنيا أحبه الله ؛ لان الزهد في الدنيا يستلزم الرغبة في الآخرة ، وقد سبق معنى الزهد: وانه ترك ما لا ينفع في الآخرة.
- إن الزهد فيما عند الناس سبب في محبة الناس لك.
- إن الطمع في الدنيا والتعلق بها سبب لبغض الله للعبد وأن الطمع فيما عند الناس والترقب له يوجب بغض الناس للإنسان ، والزهد فيما في أيديهم هو اكبر أسباب محبتهم.