* الحديث الخامس والعشرون أيضاً:
- يعني بالإضافة إلى الحديث القدسي السابق أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله - وهؤلاء فقراء - قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور - يعني أهل الأموال ذهبوا بالأجور ) يعني اختصموا بها.
- ( يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ) فهم شاركوا الفقراء في الصلاة والصوم وفضولهم في الصدقة.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ... إلخ ).
- لما اشتكى الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما يصلون ويصومون كما يصومون ويتصدقون بفضول أموالهم يعني والفقراء لا يتصدقون. بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة التي يطيقونها فقال: ( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به , إن لكم بكل تسبيحة صدقة ) يعني أن يقول الإنسان سبحان الله صدقة ( وبكل تكبيره صدقة ) يعني إذا قال: الله أكبر فهذه صدقة , ( وكل تكبيرة صدقة ) يعني إذا قال: الله أكبر فهذه صدقة , ( وكل تحميده صدقة ) يعني إذا قال: الحمد لله فهذه صدقة , ( وكل تهليلة صدقة ) يعني إذا قال: لا إله إلا الله فهذه صدقة..
- ( وأمر بالمعروف ) يعني إذا أمر شخصاً أن يفعل طاعة فهذه صدقة , ( ونهياً عن منكر ) يعني إذا نهى شخصاً عن منكر فإن ذلك صدقة , ( وفي بضع أحدكم صدقة ) يعني إذا أتى الرجل زوجته فإن ذلك صدقة وكل له فيها أجر ذكروا ذلك لتقرير قوله صلى الله عليه وسلم: ( وفي بضع أحدكم صدقة ) وليس للشك في هذا , لأنهم يعلمون أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق لكن أرادوا أن يقرروا ذلك فقالوا: ( يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ) , ونظير ذلك قول زكريا عليه السلام: ( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ... ) ال عمران 40 ... أراد أن يقرر ذلك ويثبته مع أنه مصدق به.
- ( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ ) والجواب: نعم يكون عليه وزر. قال: ( فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) وهذا القياس سمونه قياس العكس يعني كما أن عليه وزراً في الحرام يكون له أجراً في الحلال فقال صلى الله عليه وسلم: ( فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ).
* في هذا الحديث من الفوائد:
- حرص الصحابة رضي الله عنهم على السبق إلى الخيرات.
- ينبغي للإنسان إذا ذكر شيئاً أن يذكر وجهه لأن الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا: ( ذهب أهل الدثور بالأجور ) بينوا وجع ذلك فقالوا: ( يصلون كما نصلي ..الخ ).
- أن كل قول يقرب إلى الله تعالى فهو صدقة كالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكله صدقة.
- الترغيب في الإكثار من هذه الأذكار , لأن كل كلمة منه تعتبر صدقة تقرب المرء إلى الله عز وجل.
- أن الاكتفاء بالحلال والحرام يجعل الحلال قربة وصدقة لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وفي بضع أحدكم صدقة ).
- جواز الاستثبات في الخبر ولو كان صادراً من صداق لقولهم: ( أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ )
- حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم بإيراد كلامه على سبيل الاستفهام حتى يقنع المخاطب بذلك ويطمئن قلبه , وأن هذا قوله عليه الصلاة والسلام حين سئل عن بيع الرطب بالتمر: ( أينقص إذا جف ؟ قالوا: نعم ) , فنهى عن ذلك.